قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا. ا.د. فؤاد محمد مويس

 

(جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)

مع شروق فجر حرب غزة ، طوفان الأقصى ، التي أزهلت العالم، بقيام مئات من المجاهدين المؤمنين بالله، بشن حرب مباغتة لأول مرة في التاريخ، على أعداء الله من اليهود المغتصبين لأرض فلسطين ، والقدس الشرف، مسرى رسول الله، وأولى القبلتين وثالث الحرمين، جهادا في سبيل الله، ورفعا لراية الإسلام، خرجت علينا أصوات المثبطين، والمنافقين، أدعياء الدعوة للإسلام كذبا وتلفيقا وزورا، والذين كان لهم صولات وجولات وكلمة مسموعة واحترام من الكثير من المسلمين، خرجوا ينكرون على تلك الفئة من المجاهدين لما قاموا به، من الجهاد في سبيل الله.

تلك الأصوات التي شوهت وبدلت وأولت كلام الله وسنة رسوله، بصورة فجة ومفضوحة، لخدمة أغراض خبيثة في أنفسهم، إرضاء لأعداء الله من اليهود والكفار.  وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ ( التوبة: 62).

تلك الأصوات المنكرة، أحدثت صدمة كبيرة في نفوس غالبية نفوس المسلمين، الذين تعجبوا من حال هؤلاء، وبدأوا يراجعون أنفسهم في اتباع هؤلاء، وكيف أنهم انخدعوا في إخلاصهم للدعوة في سبيل الله. ومدى فقههم. فقد تناقضت أقوالهم عن ذي قبل، وغيروا وبدلوا عن سابق قولهم.

ولسوء حظ هؤلاء الإدعياء، أن أقوالهم السابقة، والحالية مسجلة، صوتا وصورة، في وسائل الإعلام، مما دفع العامة ليواجهوهم، بتسجيلاتهم، وصورهم بتلك التسجيلات، فكان الزهول من عامة المسلمين لما سمعوا ورأوا. وسقطت الأقنعة والهيبة والإحترام لهؤلاء الإدعياء.

ولكنها إرادة الله ، أن يتم تصحيح مسار المسلمين على هدى من الله، ليتبن الحق من الباطل، فيسقط الباطل، وتظهر كلمة الحق.

إن هذا يذكرنا بتكسر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأصنام الموجودة داخل الكعبة المشرفة وحولها، بعد فتح مكة، في رمضان من السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة وكان عددها 360 صنمًا، فكان يضربها بقضيب ويشير إليها فتتهاوى وهو يقول: (جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا). ثم أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض السرايا بقيادة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لكي يهدموا ما تبقى من الأصنام وتطهير جزيرة العرب  من الأصنام. فأرسل خالد بن الوليد لهدم العزى ومعبد "البُسّ" وقطع شجراتها الثلاث المقدسة لديهم ، كما أرسل عمرو بن العاص لهدم الصنم "سواع"، وبعث سعد بن زيد الأشهلي لهدم الصنم "مناة"، فأدَّى كل منهم مهمته بنجاح.

نعم سقطت الأصنام وهدمت التي كان لها القدسية في نفوس الناس، سقطت الهيبة والمكانة عند هؤلاء الناس، سقطت التبعية والطاعة العمياء دون تعقل وتحقق.

إن طوفان الأقصى فتح من الله يذكرنا بيوم فتح مكة، حيث فتح الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم مكة، وهو الفتح الذي أعز الله به دينه ورسوله، ودخل به الناس في دين الله أفواجا، إنه فتح عظم أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين، واستنقذ به بلده الأمين وبيته الذي جعله هدى للعالمين من أيدي الكفار والمشركين، وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجا.

اليوم نشاهد الكثير من الناس في أنحاء العالم يدخلون في الإسلام أفواجا بعد ما تبين لهم الحق من الباطل على واقع الأرض فى ساحة المعارك في غزة، وصدق المجاهدين وتوحيدهم الله معتمدين على الله ، ومكبرينه ومسبحينه في أحلك الظروف، ودمائهم تسال وألسنتهم تكبر الله وتحمدة، مستبشرين بلقاء الله في ثبات وعزة ومحبة لله. لا يعيرون لأي مخلوق على وجه الأرض وزنا في حياتهم إلا من كان على شاكلتهم. من الموحدين بالله، المخلصين له، دون أدنى شرك ولا نفاق من الأدعياء والمنافقين والمتصهينين والمرجفين.

 أيها المسلم اعلم أن هناك نقطة ارتكاز أصيلة في عقيدة المسلم، وفي منهجه الواقعي ، وفي خط سيره المرسوم ، وهذه النقطة لا يجوز أن تتميع في حس المؤمنين - تحت أي ظرف من الظروف . ألا إنها الجهاد . الجهاد في سبيل الله وحده . وتحت رايته وحده. وهذا هو الجهاد الذي يسمى من يقتلون فيه " شهداءويتلقاهم الملأ الأعلى بالتكريم . .

ومن ثم لا بد من الجهاد . . لابد منه في كل صورة . ولا بد أن يبدأ في عالم الضمير . ثم يظهر فيشمل عالم الحقيقة والواقع والشهود . ولا بد من مواجهة الشر المسلح بالخير المسلح . ولا بد من لقاء الباطل المتترس بالعدد بالحق المتوشح بالعدة.

ولا بد من بذل الأموال والأنفس . كما طلب الله من المؤمنين . وكما اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة . فأما أن يقدر لهم الغلب ؛ أو يقدر لهم الاستشهاد ؛ فذلك شأنه - سبحانه - وذلك قدره المصحوب بحكمته . أما هم فلهم إحدى الحسنيين عند ربهم . والناس كلهم يموتون عندما يحين الأجل . والشهداء وحدهمهم الذين يستشهدون.

إن الفئة التي تجاهد الأن عن كل بلاد المسلمين في فلسطين ، هى الفئة التي حملت راية الإسلام وشعلة العقيدة والتوحيد، لا يظن أؤلائك القاعدون والمثبطون أن لهم مكانة في ميزان الإسلام عند أحد من المسلمين، بل لهم الخزي في الدنيا والأخرة.

وإن هذا الحدث العظيم يخلق في نفوس المسلمين الأمل في أن يكونوا نواة للخلافة الراشدة على منهج النبوة كما أخبرنا به النبي الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم حيث أخبرنا فى الحديث.

إن أول دينكم نبوة ورحمة وتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله جل جلاله. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله جل جلاله. ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعه الله جل جلاله. ثم يكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله جل جلاله. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تذر السماء من قطر إلا صبته مدراراً. ولا تدع الأرض من نباتها وبركاتها شيئاً إلا أخرجته”  رواه البزار.

اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا، اللهم استخدمنا في قيام الخلافة على منهاج النبوة نعمل نحن كمسلمين ، في الناس بسنة النبي، استخدمنا في جعل الإسلام بجرانه في الأرض يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تذر السماء من قطر إلا صبته مدراراً. ولا تدع الأرض من نباتها وبركاتها شيئاً إلا أخرجته” 

اللهم اشرح صدورنا بتحقيق قول نينا على أرض الواقع:

 (جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).

تعليقات