يا أهل غزة "ٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ" أ.د/ فؤاد محمد موسى

 

يا أهل غزة

"ٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ"

أ.د/ فؤاد محمد موسى

إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ(التوبة: 111).

إن هذه الآية الكريمة تكشف لنا عن حقيقة العلاقة التي تربط المؤمنين من أهل غزة باللّه ، وعن حقيقة البيعة التي أعطوها – بجهادهم ضد اليهود وكفار العالم والمنافقين - طوال جهادهم كل هذه الجحافل من أعداء الله والبشرية.

إن حقيقة هذه البيعة، لا نفهمها كمسلمين مما نقرأ في جميع كتب التفسير لآيات الله في القرآن، كما نفهمها الأن على واقع جهاد أهل غزة الأن، وما نشاهده من أحداث بالصوت والصورة لما يحدث في غزة الأن مما يعجز أي كاتب أو مفسر أن يفسره لهذه الأية الكريمة.

إن هذه المبايعة كما نراها في أرض واقع الجهاد في غزة  ، نرى أن اللّه - سبحانه - قد استخلص لنفسه أنفس المؤمنين من أهل غزة وأموالهم، وذلك عن باقي أهل الأرض جميعا،  فلم يعد لهم منها شيء . . لم يعد لهم منها بقية لا ينفقونها في سبيله . بعد هذا القتل والتدمير والإبادة التى لم يسبق لها مثيل فى الحياة على كوكب الأرض، ولم يعد لهم خيار في أن يبذلوا أو يمسكوا . . كلا . . إنها صفقة مشتراة من الله ، وليس لأهل غزة فيها من شيء سوى أن يمضوا  في الطريق المرسوم من الله، لا يتلفتون ولا يختارون، ولا يناقشون ولا يجادلون ، ولا يقولون إلا الطاعة والعمل والاستسلام لله  والطريق  هو الجهاد والقتل والقتال والنهاية إن شاء الله هي النصر أو الاستشهاد .

هذا وصف للفئة المؤمنة المجاهدة من أهل غزة. 

(إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ)

 

إننا نجد أهل غزة ماضون في عقدهم مع الله رغم مصابهم من القتل والدمار والتجويع والتنكيل بهم أحياء وأمواتا، ورغم الخيانة من جانب بني جلدتهم وتعاونهم مع الصهاينة ضدهم، ورغم تخاذل غالبية المسلمين عن نصرتهم ومساعدتهم. بل أن هناك من يساعد اليهود ضدهم . وهناك من يهاجم أهل غزة من المسلمين ويتهمهم زورا وبهتانا ونفاقا، ويقف في صف اليهود.

فأهل غزة على عهدهم مع ربهم، ولم ينقضوا عهدهم معه رغم كل مصابهم .

إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ  ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِى كُلِّ مَرَّةٍۢ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ(الأنفال – 55، 56).

إنها لبيعة رهيبة - بلا شك - ولكنها في عنق الصادقين في إيمانهم من أهل غزة . فلا يستشعر رهبتها إلا صادق الإيمان.

عونك اللهم ! فإن العقد رهيب . .

أما هؤلاء الذين يزعمون أنفسهم " مسلمينفي مشارق الأرض ومغاربها ، فهم قاعدون ، لا يجاهدون لتقرير ألوهية اللّه في الأرض ، وطرد الطواغيت الغاصبة لحقوق الربوبية وخصائصها في حياة العباد .

بل ما نجده في واقع حال المسلمين هو قتالهم بعضهم بعضا بالنيابة عن أعداء الله من اليهود والأمريكان. ويتفرقون  إلى فرق ومذاهب يعادي بعضها بعضا.

يا حسرة على العباد .

يا مسلم كن كأهل غزة مؤمنا حقا،  فالجهاد في سبيل اللّه بيعة معقودة بعنق كل مؤمن . . كل مؤمن على الإطلاق منذ كانت الرسل ومنذ كان دين اللّه . . إنها السنة الجارية التي لا تستقيم هذه الحياة بدونها ولا تصلح الحياة .

إن أهل فلسطين وقع عليهم الظلم والعدوان.

ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍۢ لَّهُدِّمَتْ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَٰتٌ وَمَسَٰجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسْمُ ٱللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ(الحج - 40).

إن الحق لا بد أن ينطلق في طريقه، فلقد لمست كلمات البيعة التي ذكرها الله في الأية الكريمة قلوب أهل غزة عند تربيتهم عليها فتحولت قلوبهم المؤمنة إلى واقع من واقع حياتهم ؛ ولم تكن مجرد معان يتملونها بأذهانهم ، أو يحسونها مجردة في مشاعرهم . كانوا يتلقونها للعمل المباشر بها . لتحويلها إلى حركة منظورة ، لا إلى صورة متأملة . .

وهكذا أدركها عبد اللّه بن رواحة - رضي اللّه عنه - في بيعة العقبة الثانيةقال محمد بن كعب القرظي وغيرهقال عبد الله بن رواحة رضي اللّه عنه ، لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم،  يعني ليلة العقبة اشترط لربك ولنفسك ما شئتفقال : " أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ؛ وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم " . قالفما لنا إذا نحن فعلنا ذلك ?

 قالالجنة " " . قالواربح البيع ، ولا نقيل ولا نستقيل . . "

هكذا . . " ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل ".

فالصفقة ماضية لا رجعة فيها ولا خيار ؛ والجنةثمن مقبوض لا موعود !

أليس الوعد من اللّه ؟

 أليس اللّه هو المشتري ؟

أليس هو الذي وعد الثمن.؟

 وعداً قديماً في كل كتبه

( وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن )  

( ومن أوفى بعهده من اللّه ). 

أجل ! ومن أوفى بعهده من اللّه ؟

تعليقات