أبنية الضرار أ.د/ فؤاد محمد موسى

 

أبنية الضرار

أ.د/ فؤاد محمد موسى

إن أشد ما أضر بالإسلام والمسلمين تلك الكيانات التي بناها أعداء الإسلام داخل جسم الأمة الإسلامية تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، فإن الدين عند الله الإسلام، وهم يسمونه بأسماء  تلك الكيانات والأبنية التي فرقت المسلمين شيعا وأحزابا وفرقا ، هذا شيعي وهذا سني، وهذا صوفي، وهذا سلفي وهذا ...

وقد حدد الله الهوية والمسمى للدين قائلا: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ( المائدة: 3).

هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ( الحج: 78 ).

وقد نبهنا الله أن هذه الكيانات ليست من الإسلام في أي شيء بقوله تعالى:

 إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ ۚ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ(الأنعام - 159).

والذي يتمعن في القران الكريم يجد تحذير الله من تلك الكيانات المزعومة والتي بدأت محاولاتها في الصدر الأول من الإسلام ، فقد أوضح الله لنا مثالا يجسم خطورة تلك الكيانات المزعومة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، في قولة تعالى: وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًۢا بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَآ إِلَّا ٱلْحُسْنَىٰ ۖ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَٰذِبُونَ(التوبة - 107).

إن هذه الكيانات تمثل سرطانا في جسد أمة الإسلام لانتشارها وتشعبها وتكاثرها مع مرور الزمن.

هذا المسجد ما يزال يتخذ في صور شتى تلائم ارتقاء الوسائل الخبيثة التي يتخذها أعداء هذا الدين . تتخذ في صورة نشاط ظاهره لخدمة الإسلام وباطنه لسحقه  ، أو تشويهه وتمويهه وتمييعه ! وتتخذ في صورة أوضاع ترفع لافتة الدين عليها لتتترس وراءها وهي ترمي هذا الدين ! وتتخذ في صورة تشكيلات وتنظيمات وكتب وبحوث تتحدث عن الإسلام، لتخدر القلقين الذين يرون الإسلام يذبح ويمحق ، فتخدرهم هذه التشكيلات وتلك الكتب إلى أن الإسلام بخير لا خوف عليه ولا قلق !  وتتخذ في صور شتى كثيرة.

ومن أجل مساجد الضرار الكثيرة هذه يتحتم كشفها وإنزال اللافتات الخادعة عنها ؛ وبيان حقيقتها للناس وما تخفيه وراءها . ولنا أسوة في كشف مسجد الضرار على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .بتلك الأية  وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًۢا بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَآ إِلَّا ٱلْحُسْنَىٰ ۖ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَٰذِبُونَ(التوبة - 107).

إن هذه الكيانات يتم اختيار قياداتها وتدريبهم  في المراكز المتخصصة، ويتم تلميع هذه القيادات وتكوين هالة دينية مزعومة لها، على أنهم هم أكثر فهما للدين وهم ورثة الأنيباء ويجب اتباعهم وأن مخالفتهم هي مخالفة للدين. وخروج عن طاعة الله. رغم أن هذه القيادات لا تتفوق إلا في الخداع والنصب والجدال في الباطل والكلام المنمق والصوت المرتفع والتبجح بالباطل وكثرة الحلف بالله أنهم لمن الصادقين. وليحلفنإن أردنا إلا الحسنى ، واللّه يشهد إنهم لكاذبون .

ودورهم الأكبر يتمثل في تحقير علماء الدين الحقيقيين  والتشهير بهم.

أما العامة الذين ينخدعون بهم فيكونون جنود الطاعة العمياء وحطب معارك القتال مع الأخرين. حيث يقدمونهم في الحروب بين المسلمين على أنه جهاد.

وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ(البقرة - 78).

أما هؤلاء القادة الذين يؤولون ويحرفون لتفريق المسلمين، وتحقيق أهداف أعداء الله. فيتوعدهم الله:

فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَٰبَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ(البقرة - 79).

فكم من الأضرار التي تصاب بها الأمة من هؤلاء. ،،ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًۢا بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبْلُ،،.

لذلك يحذر الله كل مسلم أن ينضم تحت لواء هذه الهياكل والأبنة الضرار.

لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِۚ فِيهِ رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ ( البقرة: 108).

إن كل هذه الهياكل والأبنية قائمة على شفا جرف هار . . قائم على باطل وزور وخداع.

إن حرب غزة قد أظهرت لكل مسلم حق هذه الهياكل المزعومة والأبنية الهشة التي تنهار  في أعين المسلم الحق، وتنهار أخلاقيا ودينيا.

إننا نبصره اللحظة يتأرجح ويتزحلق وينزلق ! . .

 إنه ينهار !

إنه ينزلق !

إنه يهوي !

إن الهوة تلتهمه !

يا للهول !

إنها نار جهنم.

 واللّه لا يهدي القوم الظالمين

 الذين بنوا هذه البنية ليكيدوا بها هذا الدين

ليطمئن دعاة الحق  في غزة على مصير دعوتهم ، في مواجهة دعوات الكيد والكفر والنفاق !

وليطمئن البناة على أساس من التقوى في غزة  كلما واجهوا البناة على الكيد والضرار !

فما يزال صاحب الكيد الخادع مزعزع العقيدة ، حائر الوجدان ، لا يطمئن ولا يستقر ، وهو من انكشاف ستره في قلق دائم ، وريبة لا طمأنينة معها ولا استقرار.

تعليقات