إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (آل عمران - 175) أ.د/ فؤاد محمد موسى

 

 

إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

(آل عمران - 175)

                              أ.د/ فؤاد محمد موسى

إن ما تعيشه الأمة الإسلامية في واقعها الأن من ضعف وهوان وذلة، والارتماء في أحضان أعداء الله من اليهود وأمريكا ودول الكفر ، بغية حمايتها من بعضها البعض، لأمر يندى له جبين كل مسلم، ويتألم له كل أصاحب العقيدة الصحيحة الموحدة بالله، وإن كان هناك من دعاة الباطل المنافقين الذين يسارعون فيهم ويبررون ذلك بهتانا وزورا.

إن هذا الوضع لا يرضاه الله للمؤمنين ، وينبههم لهذه الحالة من الهوان.

إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

(آل عمران - 175).

إن الشيطان يحاول أن يجعل أولياءه مصدر خوف ورعب ، وأن يخلع عليهم سمة القوة والهيبة . . ومن ثم ينبغي أن يفطن المؤمنون إلى مكر الشيطان ، وأن يبطلوا محاولته . فلا يخافوا أولياءه هؤلاء ، ولا يخشوهم . بل يخافوا الله وحده . فهو وحده القوي القاهر القادر ، الذي ينبغي أن يخاف :

إن الشيطان يضخم من شأن أوليائه ، ويلبسهم لباس القوة والقدرة ، ويوقع في القلوب أنهم ذوو حول وطول ، وأنهم يملكون النفع والضر . . ذلك ليقضي بهم لباناته وأغراضه ، وليحقق بهم الشر في الأرض والفساد ، وليخضع لهم الرقاب ويطوع لهم القلوب ، فلا يرتفع في وجوههم صوت بالإنكار ؛ ولا يفكر أحد في الانتقاض عليهم ، ودفعهم عن الشر والفساد .

فتحت ستار الخوف والرهبة ، وفي ظل الإرهاب والبطش ، يفعل أولياؤ الشيطان في الأرض ما يقر عينه ! يقلبون المعروف منكرا ، والمنكر معروفا ، وينشرون الفساد والباطل والضلال ، ويخفتون صوت الحق والرشد والعدل ، ويقيمون أنفسهم آلهة في الأرض تحمي الشر وتقتل الخير . . دون أن يجرؤ أحد على مناهضتهم والوقوف في وجههم ، ومطاردتهم وطردهم من مقام القيادة . بل دون أن يجرؤ أحد على تزييف الباطل الذي يروجون له ، وجلاء الحق الذي يطمسونه . .

إن الشيطان يختفي وراء أوليائه ، وينشر الخوف منهم في صدور الذين لا يحتاطون لوسوسته . . ومن هنا يكشفه الله ، ويوقفه عاريا لا يستره ثوب من كيده ومكره . ويعرف المؤمنين الحقيقة : حقيقة مكره ووسوسته ، ليكونوا منها على حذر . فلا يرهبوا أولياء الشيطان ولا يخافوهم . فهم وهو أضعف من أن يخافهم مؤمن يركن إلى ربه ، ويستند إلى قوته . . إن القوة الوحيدة التي تخشى وتخاف هي القوة التي تملك النفع والضر . هي قوة الله . وهي القوة التي يخشاها المؤمنون بالله ، وهم حين يخشونها وحدها أقوى الأقوياء . فلا تقف لهم قوة في الأرض . . لا قوة الشيطان ولا قوة أولياء الشيطان.

إن ما نشاهده يوميا من غدر أولياء الشيطان بالفئة المؤمنة في غزة الصادقة في إيمانها وجهادها في سبيل الله دفاعا عن الإسلام والمسلمين ورفع راية الإسلام وحدها، مع خوف وجبن ضعاف الإيمان من المسلمين، بل أن هناك من يناصر أولياء الشيطان ويعلنها بكل وقاحة أنه يوالي ويناصر أولياء الشيطان، ولا يخاف الله بل أنهم يرهبون أولياء الشيطان. إن هذا لا يتصوره عقل ولا يقبله قلب مؤمن.

فالمفاوضات تجرى من أجل عدد قليل من الأسرى اليهود في أيدي المجاهدين، وفي المقابل لا اعتبار للقتل والتنكيل بأهل غزة والتجويع والإبادة الجماعية لأهل غزة المؤمنة، إبادة يقودها كل شياطين الإنس في الأرض ومن ورائهم أولياؤهم من المتصهينين.

إن الصمود التاريخي لأهل غزة الذي فاق كل تصور وكل تحمل ليحمل في طياته فجر النصر الرباني الذي لا يتصوره أيضا عقل البشر. 

وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ(الصف - 13).

 

فلأهل غزة بإذن الله ما يحبونه من الثواب الدنيوي لهذا الجهاد، { نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ } [لأهل غزة] على الأعداء، يحصل به العز والفرح، { وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } تتسع به دائرة الإسلام في كل بقاع الأرض، وسيتسع لهم رزقهم بعد هذا الحصار والجوع، فهذا جزاء المؤمنين المجاهدين.

 وأما المؤمنون من غير أهل الجهاد، [الذين ناصروهم] فلم يؤيسهم الله تعالى من فضله وإحسانه، بل قال: { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } أي: بالثواب العاجل والآجل، كل على حسب إيمانه وسعيه ومناصرته لأهل غزة ، وإن كانوا لا يبلغون مبلغ المجاهدين في سبيل الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله "

 

أيها المسلم: أين أنت من كل هذا؟

تعليقات