حراك طلاب جامعات العالم لنصرة غزة فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الروم: 30]. أ.د/ فؤاد محمد موسى
حراك طلاب جامعات العالم لنصرة غزة
فِطْرَتَ
اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ
الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الروم: 30].
أ.د/
فؤاد محمد موسى
تتواصل الاحتجاجات الطلابية في العديد من الجامعات عبر العالم تضامنا
مع فلسطين وما يتعرض له قطاع غزة من عدوان صهيوني مستمر منذ نحو 8 أشهر، وما يزال
الطلبة في الجامعات الأمريكية متمسكين باعتصامهم رغم تدخل قوات الأمن واعتقال
المئات منهم وتهديدهم بالفصل من الدراسة.
ومع مرور الوقت تتسع نطاق حركة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات
الأمريكية وتنضم إليها جامعات جديدة، لتتحول إلى ما يشبه الانتفاضة العارمة
الرافضة لحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.
وتثير أخبار التحركات الطلابية داخل الجامعات الأميركية، دعماً للفلسطينيين
ورفضاً لما يتعرّض له قطاع غزة، الاهتمام حول العالم، والكثير من التساؤلات، والتحليلات
والتوقعات، على جميع وسائل النشر المتعددة من حركها ومن وراءها، ومن الداعم لها؟ وكلها
تغفل حقيقة هذا الحراك: خصائصة ، ومحركة ، وغايته، والمدى الذي قد يصل إليه.
قد ينسى الكثير أو يتناسى أن لهذا الكون إله، ورب يدير شئونه، ولا
يغفل عما يعمل الظالمون، رب قاهر وقاسم ظهر المتكبرين، ورب رحيم يراقب ويسمع أنين
الأطفال والأمهات والشيوخ المقهورين. رب يسير هذا الكون بسنن كونية لا تتبدل ولا
تتغير فهي من صنع رب العالمين لتدبير هذه الحياة.
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ
عَادًا الْأُولَىٰ (50) وَثَمُودَ فَمَا
أَبْقَىٰ (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن
قَبْلُ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ (53) فَغَشَّاهَا مَا
غَشَّىٰ (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ (55) هَٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ
النُّذُرِ الْأُولَىٰ (56) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِن
دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هَٰذَا
الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا
تَبْكُونَ (60) وَأَنتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ
وَاعْبُدُوا ۩ (62)( النجم ).
قام أهل غزة بالجهاد في سبيل الله بكل ما استطاعوا دفاعا عن دين الله
حيث تخلى غالبية المسلمين عن الجهاد في سبيل الله بل هناك من تعاطف وتعون منهم مع
أعداء الله من اليود والكفار. فكانت الإبادة الجماعية وتدمير البشر والحجر في غزة.
ونحن نرى حراك طلاب العالم تعاطفا مع غزة، إنها يد الله تدبر ما تشاء
أينما تشاء وحيثما تشاء وكيفما تشاء.
لقد حركت الفطرة التي فطر الله الناس عليها دون تدخل من أحد من البشر
في تحركها. قال تعالى:
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ
اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ
الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الروم: 30].
كما جاء في الحديث:عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قالَ النبيُّ
صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى
الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ،
كما تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِن
جَدْعَاءَ (البخاري ومسلم).
فإن الإنسان من نفسه يجد من لذة العدل والصدق والعلم والإحسان والسرور
بذلك ما لا يجده من الظلم والكذب والجهل. والناس الذين وصل إليهم ذلك والذين لم
يصل إليهم ذلك يجدون في أنفسهم من اللذة والفرح والسرور بعدل العادل وبصدق الصادق
وعلم العالم وإحسان المحسن ما لا يجدونه في الظلم والكذب والجهل والإساءة. ولهذا
يجدون في أنفسهم محبة لمن فعل ذلك وثناء عليه ودعاء له. وهم مفطورون على محبة ذلك
واللذة به، لا يمكنهم دفع ذلك من أنفسهم، كما فطروا على وجود اللذة بالأكل والشرب
والألم بالجوع والعطش.
وهنا يدرك المؤمن الصادق في عبادته أن نصر الله لأهل غزة هو موعود
الله يحرك به جنوده في الأرض بمشيئته. ولا راد لوعده لعبادة المجاهدين .الصابرين
الثابتين على الحق لا يضرهم من خذلهم.
أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (البقرة: 214).
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ
اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحديد: 25).
وليعلم قادة الجهاد في غزة هذه الحقائق للسنن الكونية التي سنها الله.
تعليقات
إرسال تعليق