علماء البطون أُوْلَٰٓئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلَّا ٱلنَّارَ (البقرة - 174) أ.د/ فؤاد محمد موسى

 

 

علماء البطون

أُوْلَٰٓئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلَّا ٱلنَّارَ

(البقرة - 174)

 

لقد جاء هذا التعبير القرآني معبرا عن نوع من عذاب الله، لفئة معينة، ولفعل محدد في الأية القرآنية:

إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَيَشْتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُوْلَٰٓئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(البقرة - 174).

هذا وعيد شديد لمن كتم ما أنزل الله على رسله، من العلم الذي أخذ الله الميثاق على أهله, أن يبينوه للناس ولا يكتموه، فمن تعوض عنه بالحطام الدنيوي، ونبذ أمر الله, فأولئك: { مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ } لأن هذا الثمن الذي اكتسبوه, إنما حصل لهم بأقبح المكاسب، وأعظم المحرمات، فكان جزاؤهم من جنس عملهم. 

هؤلاء علماء الدين الذين يقومون بهذا الكتمان أو التحريف أوالتأويل من أجل ملء بطونهم وشهواتهم مقابل ذلك. وقد جاء هذا العقاب في جو الأيات التي تناولت 

 الطعام ما حرم منه وما حلل ، يقول القرآن عن هؤلاء

( ما يأكلون في بطونهم إلا النار ) . . 

إنهم أصحاب البطون في الدنيا والآخرة.

هذا التنسيق الرباني للمشهد في السياق القرآني. وكأنما هذا الذي يأكلونه من ثمن الكتمان والبهتان نار في بطونهم ! وكأنما هم يأكلون النار ! وإنها لحقيقة حين يصيرون إلى النار في الآخرة ، فإذا هي لهم لباس ، وإذا هي لهم طعام

 

والتنديد بكتمان ما أنزل الله من الكتاب ليس المقصود به أهل الكتاب من اليهود والنصارى فقط . ولكن مدلول النص العام ينطبق على أهل كل ملة ، يكتمون الحق الذي يعلمونه ، ويشترون به ثمنا قليلا . إما هو النفع الخاص الذي يحرصون عليه بكتمانهم للحق ، والمصالح الخاصة التي يتحرونها بهذا الكتمان ، ويخشون عليها من البيان . وإما هو الدنيا كلها - وهي ثمن قليل حين تقاس إلى ما يخسرونه من رضى الله ، ومن ثواب الآخرة

وإنه لجزاء مكافىء لشناعة الجريمة . جريمة كتمان الكتاب الذي أنزله الله ليعلن للناس ، وليحقق في واقع الأرض ، وليكون شريعة ومنهاجا . فمن كتمه فقد عطله عن العمل

هؤلاء العلماء الذين كان الناس مخدوعون فيهم لسنين طويلة على أنهم يمثلون دين الإسلام على واقع الحياة، مخدعون في مظهرهم وتنميق كلامهم، وكثرة أيمانهم بالله على صدق حديثهم.

لقد أراد الله كشفهم وفضحهم أمام العالم وعلى وسائل النشر والتواصل.

لقد جاءت الأحداث الأخيرة لتمحيص الحق من الباطل.

ولهذا نجد صفحات النت في وسائل التوصل المختلفة نجد تهكمات الكثير من الناس وفضحهم لهذا النوع من العلماء الذين باعوا ضمائرهم ودينهم، يتصفون بهذه الصفات:

أكالون الست، أصحاب الموائد والولائم ، أصحاب البطون والعجول ، أصحاب الفتة والموائد.

إنها لعنات لهؤلاء العلماء من الناس وصدق الله إذ يقول :

إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَٰتِ وَٱلْهُدَىٰ مِنۢ بَعْدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِى ٱلْكِتَٰبِ ۙ أُوْلَٰٓئِكَ يَلْعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ(البقرة - 159).

                                                      أ.د/ فؤاد محمد موسى

تعليقات