حال كثير من الناس أ.د/ فؤاد محمد موسى

 

 

حال كثير من الناس

وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْءَاخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ

(الزمر - 45)

لقد استوقتني هذه الأية القرانية لما تحمل من دلالات تصف واقع حال الكثير من أمة الإسلام في وضعها الحالي، الوضع الذي يؤلم المؤمن الحق. حرب إبادة للإسلام والمسلمين، تشنها دول الكفر عامة وعلى رأسها أمريكا واليهود، ولا نجد من يدافع عن المسلمين سوى طائفة من المؤمنين في غزة، مع تواطؤ كثير من المسلمين ومساعدتهم على هذه الإبادة، إلا من رحم ربي.

هذا الحال لم يسبق له مثيل في التاريخ الإسلامي.

حال تفرق فيه المسلمون فرقا وأحزابا وقوميات ومذاهب . ومسميات: وصفها ربنا:

إِنْ هِىَ إِلَّآ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَٰنٍ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰٓ(النجم - 23).

لقد جاءهم ربهم  بكلمة " الإسلام " هداية منه، كما في الأية الكريمة (وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَى.).

فألقوها وراء ظهورهم وأطلقوا مسمياتهم كما أوحى لهم شياطينهم اليهود ففرقوا المسلمين بهذه المسميات، وتعصبوا لها أيما تعصب.

لدرجة أنهم يقدمونها على كلمة اٍلاسلام . بل أنهم جعلوا مسمياتهم بديل للإسلام .

ويفتخرون بها ويعلنونها شعارا لهم ولدينهم.

ومن هنا استطاع اليهود شق صفوف المسلمين وتفريقهم ومحاربة بعضهم بعضا.

بل أن هناك منهم من يعتبر اليهود أحب إليهم من باقي المسلمين .

وهذا حال وواقع الحرب على المسلمين متمثلا في حرب غزة .

والأية القرأنية تصف لنا هذه الحالة أوضح ما يكون.

وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْءَاخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ(الزمر - 45).

والتعبير بالاشمئزاز والاستبشار ، يشعر بأنهم قد بلغوا الدرجات العلى في ذلك ، فهم عند ذكر الله - تعالى -  أو كلمة الإسلام وحده، تمتلئ قلوبهم إلى نهايتهم غما وهما وانقباضا وذعرا . وعند ذكر أسمائهم التي ابتدعوها تمتلئ قلوبهم إلى نهايتها - أيضا - بهجة وسرورا حتى لتظهر آثار ذلك على بشرتهم.

وهذا ما يشعر به الكفار والمنافقون.

فكم من هؤلاء إذا حدثتهم عن ذات الله - تعالى - وصفاته ، وعن سلامة دينه وتشريعاته ، وعن آداب قرآنه وهداياته ، وعن كل ما يتعلق بوجوب تنفيذ أوامره ونواهيه . . انقبضت نفوسهم ، واكفهرت وجوههم ، وتمنوا لو أنك تركت الحديث عن ذلك .

أما إذا سمعوا ما يتعلق بالتشريعات والنظم التى أدخلوها على الدين وهى من صنعهم استبشرت نفوسهم ، وابتهجت أساريرهم .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : ( وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وفي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القرآن وَحْدَهُ وَلَّوْاْ على أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ) 

وقد قال الآلوسى : وقد رأينا كثيرا من الناس على نحو هذه الصفة التى وصف الله - تعالى - بها المشركين ، يهشون لذكر أموات يستغيثون بهم ويطلبون منهم ، ويطربون من سماع حكايات كاذبة عنهم . . وينقبضون من ذكر الله - تعالى - وحده - ونسبة الاستقلال بالتصرف إليه - عز وجل - وسرد ما يدل على مزيد عظمته وجلاله . وينفرون ممن يفعل ذلك كل النفرة ، وينسبونه إلى ما يكره . .

هكذا تلك المسميات التى ابتدعتها الفرق والجماعات والمذاهب والقوميات.

فالأية تصف  حالة نفسية تتكرر في شتى بلاد المسلمين الأن . فمن الناس من تشمئز قلوبهم وتنقبض نفوسهم كلما دعوا إلى الله وحده إلهاً ، وإلى شريعة الله وحدها قانوناً ، وإلى منهج الله وحده نظاماً . حتى إذا ذكرت المناهج الأرضية والنظم الأرضية والشرائع الأرضية هشوا وبشوا ورحبوا بالحديث ، وفتحوا صدورهم للأخذ والرد . هؤلاء هم بعينهم الذين يصور الله نموذجاً منهم في هذه الآية ، وهم بذاتهم في كل زمان ومكان . هم الممسوخو الفطرة ، المنحرفو الطبيعة ، الضالون المضلون ، مهما تنوعت البيئات والأزمنة ، ومهما تنوعت الأجناس والأقوام .

وهذا هو سبب تفرق المسلمين وضعفهم، والذي قال الله لرسولة:

إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ ۚ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ(الأنعام - 159).

هنا يقول الله لرسولة أنت لست منهم ، حتى في الشيء القليل.

فيا أيها المسلم لا تكن من هؤلاء الذين فرقوا دينهم واتبعوا اليهود وأطلقوا لهم مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، ولكن هذه المسميات من سلطان شياطين اليهود .

وعلينا نبذ المسميات الطائفية والمذهبية.

والتركزوا على دعوة المسلمين للتوحد تحت كلمة الإسلام.

لا يفتخر مسلم بغير كلمة الإسلام.

والا يصبح من المفرقين للمسلمين .

لا يتعالى مسلم على مسلم . بعشيرته ولا بقبيلته. ولا بقوميته .

(لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ - : إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمَ ، وآدمُ من ترابٍ)

وهذا ما ننبه اليه دايما  .ونناشد الجميع لنزع فتيل الفتنة بين المسلمين .

والحرص على العودة إلى منهج الإسلام الصحيح .

هذه المسميات هي سبب كل البلاء الذي فيه المسلمين .

وهناك المتاجرون الذين يتاجرون بهذه المسميات .

فلماذا لا نعود إلى ما كان عليه رسول الله في الصدر الأول للاسلام وما كان عليه الصحابة

كانوا على اسم الإسلام.  كانوا أولياء لله ورسوله ولم يكونوا أولياء لليهود  وامريكا .

يا شباب المسلمين كونوا أنتم على وعي بهذا الأمر  .

ولا تتبعوا. الدعاة الذين يتاجرون بهذه المسميات.

اللهم انى بلغت .

اللهم فاشهد .

اللهم افتح قلوب المسلمين للحق .

                                             أ.د/ فؤاد محمد موسى

تعليقات