دور العلماء في انشقاق الأمة أ.د/ فؤاد محمد موسي

 

دور العلماء في انشقاق الأمة

وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِى ٱلْكِتَٰبِ لَفِى شِقَاقٍ بَعِيدٍۢ

(البقرة - 176)

لقد وقفت كثيرا أمام قول ربي:

وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِى ٱلْكِتَٰبِ لَفِى شِقَاقٍ بَعِيدٍۢ(البقرة - 176).

فكرت في واقعها على أرض واقع المسلمين الأن وتفرق المسلمين: شيعا، وفرقا، وجماعات، وقوميات، وزعامات: للشهرة، والسلطة، والجاه، والمال، وغيرها. وأصبح الدين تجارة لتحقيق كل ذلك، استغلة اليهود بمكر ودهاء.

وقد كنت كتبت وحذرت كثيرا من خطر هذا على المسلمين، من منطلق المسئولية أمام الله. ثم توقفت فترة من الوقت حتى قرأت منشور على النت، كتبة أحد المشاركين يوضح به كيف يبث اليهود الفتنة والسموم بين المسلمين مستخدمين عواطف المسلمين الدينية بدون وعي ومن ثم تبدأ ماعرك السباب بينهم والفرقة .

وهذا نص المنشور.

(عاد الصهيوني أفيحاي أدرعي لمنزله وخلع بدلته العسكرية وتناول زجاجة ويسكي وصب أول كأس ثم فتح الفيس بوك وكتب على صفحته المزورة والتي يسميها عائشة أم المؤمنين :

هل عمر إبن الخطاب أحق بالخلافة أم علي بن أبي طالب ؟؟؟!!!

ثم شرب من كأسه وأنتظر التعليقات

التعليق الأول أبو الفضل من العراق

عمر إبن الخطاب سرق الخلافة ولا يستحقها

وجاء الرد من أبو بكر من السعودية

أكيد سيدنا عمر أحق وأنت يا عراقي يا رافضي يا كافر أشد عداء لأهل السنة من اليهود

تبسم أفيحاي وشرب كأسه الثاني

تعليق آخر من شاب مصري

ودي عاوزة كلام هذا عمر قاهر الشيعة والمجوس

وبدأت تتوالى الردود الشيعة يسبون السنة والسنة يسبون الشيعة

أقفل أفيحاي زجاجة الوسكي وتمدد على الكنبه وتبسم وأخذ قيلولة وهو مطمئن إلى مستقبل دولته الصهيونية طالما أن هناك الكثير من الحمقى والأغبياء لا عقل لديهم.

هذا واقعنا للأسف ..هم من خلقوا العنصرية بين الأغبياء منا .

ياريت الكل يشارك هاذا المنشور... حتى تفهم الناس مدى مخططات الكيان الصهيوني تجاه الإسلام والمسلمين عامة.ِ)

وهنا انتهى النص.

وأنا بدوري كمسلم تذكرت قول الله عز وجل:

ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ ۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِى ٱلْكِتَٰبِ لَفِى شِقَاقٍ بَعِيدٍۢ

(البقرة - 176).

تذكرت أن الذين اختلفوا من المسلمين في الكتاب, فركزوا على بعضه, وتغافلوا عن البعض الأخر، والذين يؤولون طبقا  لأهوائهم ومراداتهم { لَفِي شِقَاقٍ }. أي: بعيدين الحق لأنهم قد خالفوا الكتاب الذي جاء بالحق الموجب للاتفاق وعدم التناقض، فمرج أمرهم, وكثر شقاقهم، فأولئك الأشقياء بسبب كتمانهم لما أنزله الله في كتابه من الحق، فأظهروا منها ما يناسب أهواءهم وأخفوا ما لا يناسبها- لفي بعد شديد عن الحق والصواب.

بخلاف أهل الحق من المسلمين الذين آمنوا به, وحكموه في كل شيء, فإنهم اتفقوا وارتقوا بالمحبة والاجتماع عليه.

كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّۦنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ ۚ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ بَغْيًۢا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍ(البقرة - 213).

والتعبير القرآني الرائع { لَفِي شِقَاقٍ }، كأن كل واحد من المختلفين في شق غير الشق الذي يكون فيه الآخر، وإذا وصف الخلاف بالبعد أي أنه بعيد عن الحق.

إن أولي العلم هم الذين تسببوا في هذا الشقاق وليس عامة الناس. وهذا واقع الحال في علماء كل مجموعة أو فرقة أو طائفة أو مذهب أو قومية .  ثم تنشق من كل منها أنشقاقات أخرى يوما بعد يوم، بحب الزعامات وأهواء النفس.

فهم وأمثالهم في أي زمان ، ممن يكتمون الحق الذي أنزله الله ، لسبب من أسباب الكتمان الكثيرة ، ممن يراهم الناس في شتى الأزمنة وشتى الأمكنة ، يسكتون عن الحق وهم يعرفونه ، ويكتمون الأقوال التي تقرره وهم على يقين منها ، ويجتنبون آيات في كتاب الله لا يبرزونها بل يسكتون عنها ويخفونها لينحوا الحقيقة التي تحملها هذه الآيات ويخفوها بعيدا عن سمع الناس وحسهم ، لغرض من أغراض هذه الدنيا. الأمر الذي نشهده في مواقف كثيرة ، وبصدد حقائق من حقائق هذا الدين كثيرة.

والمصيبة الكبرى تجد أن أتباع هؤلاء العلماء وهؤلاء، يخوضون معارك شرسة على مواقع النت، ومن ثم يقود اليهود تحت أسماء وهمية على النت هذه المعارك.

ثم تنتقل هذه المعارك على واقع الأرض، حروبا بين المسلمين ودولهم، ويكون وقودها هؤلاء المندفعين بحمية العقيدة من الشباب الأعمى البصيرة ، وهؤلاء العلماء في بروجهم يشعلون تلك الحروب بايحاء من اليهود ومكرهم.

ولقد أصبح هؤلاء العامة من المسلمين يتبعون علماءهم لتلك الفرق والمذاهب والقوميات والشيع دون عودة لكتاب الله بحجة أنهم يعلمون العلم دون غيرهم. لقد تحقق فيهم قول الله:

ٱتَّخَذُوٓاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَٰنَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعْبُدُوٓاْ إِلَٰهًا وَٰحِدًا ۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشْرِكُونَ(التوبة - 31).

 

والواقع الأليم أننا نادرا ما نجد هؤلاء العلماء ما يتناولون اليهود في خطاباتهم كما جاء في القرآن الكريم محذرا من مكرهم وفسادهم في الأرض، وعداوتهم للمسلمين.

لقد انكشفت وجوه هؤلاء العلماءعندما وقعت معارك الجهاد في غزة هذه الوجوه التي كانت تستتر وراء خداعها ونفاقها باسم الدين .

إن الوعي بهذه الحقائق على الأرض لأمر غاية في الأهمية لكل مسلم، ولأمتنا الإسلامية . فلن ينصلح حال المسلمين إلا بكشف الغطاء عن هؤلاء الذين فرقوا المسلمين وباعوا دينهم من أجل لقيمات في بطونهم .

أ,د/ فؤاد محمد موسى

تعليقات

  1. بارك الله فيكم يا دكتور
    فما أسوأ الجهل
    الجهل الجهل الجهل
    منبع الفرقة و عدم التمييز بين الحق و الباطل

    ردحذف

إرسال تعليق