ِوَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ (الأعراف - 180) فؤاد محمد موسى

 

ِوَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ

(الأعراف - 180)

 

لقد استوقفني هذا التعبير القرآني بجلاله وحلاوته وروعته ودقته، وعلاجه لحالة تؤرق كل مسلم. في كلمات نورانية. قليلة العدد، عظيمة الفائدة، واضحة في ِالتوجيه، لا لبس في معناها، ولا تخبط في فهمها ومدلولها، تنير الطريق لمن أراد الهدى، وفتح قلبه، لتلقي هذا النور.

فكم هو الظلام والتخبط في الأسماء التي ابتدعها أصحاب الهوى، والمتاجرة بالأسماء بين المسلمين، التي ضللت الكثير، وانحرفت بهم عن نور الله وصراطه المستقيم. وبسببها قامت الحروب، وأريقت الدماء، وتم تدمير الأخضر واليابس في بلاد المسلمين .

ومن الغريب أن تلك الحفنة القليلة التي تمتهن هذه المهنة بغية عرض دنوي زائل، وبطون قال عنها الله . أُوْلَٰٓئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلَّا ٱلنَّارَ (البقرة - 174). هؤلاء يضلون عامة المسلمين بالملايين ولا يأبهون بما فيه المسلمون من فرقة وتشتت وضياع بين الأمم.

ومن هنا يأت أمر الله في هذه الأية الكريمة:

وَلِلَّهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(الأعراف - 180).

وهذا الأمر بإهمال شأن الذين يلحدون في أسماء الله ؛ لا يقتصر على الإلحاد في أسماء الله بتحريفها اللفظي إلى الآلهة المدعاة . " اللات " . " العزى . إنما ذلك ينسحب على كل ألوان الإلحاد في شتى صوره .

فهو ينسحب على الذين يلحدون - أي يحرفون أو ينحرفون - في تصورهم لحقيقة الألوهية على الإطلاق . وعلى كل ما سماه الله من أسماء.

فالله هو الذي سمانا المسلمين: (هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ) (الحج - 78).

وللأسف أن الكثير من المسلمين فرقوا دينهم وأصبحوا شيعا وأطلقوا على أنفسهم أسماء بخلاف كلمة الإسلام .

فهذا صوفي وهذا شيعي وهذا سني وهذا قرآني وهذا سلفي ،......بل ويتفاخرون بها ويعتبرون غيرهم غير مسلمين.

والله يقول:

 إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ(   آل عمران: 19 .)

وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (أل عمران: 85).

لذلك وصف الله كل تحريفات المغرضين والمتلاعبين بالأسماء بقوله:

{إِنۡ هِيَ إِلَّآ أَسۡمَآءٞ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلۡهُدَىٰٓ}

 (23)

أي أن هذه الأسماء كلها وهم لا أساس لها من العلم ولا من الواقعولا حجة عليها ولا دليل . 

والعقيدة لا مجال فيها للظن والهوى ؛ ولا بد فيها من اليقين القاطع والتجرد من الهوى والغرض ( ولقد جاءهم من ربهم الهدى ). 

والمسلمون مأمورون بالإعراض عن هذا الهوى كله وإهماله ؛ ولا يلتفتون إلى كل من يستخدم هذه المسميات في دعوتهم، فالاية واضحة بأمر الله في ذلك.

(وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ) (الأعراف - 180).

فنحن مسلمون كما سمانا الله .

لا سلفية، ولا شيعية، ولا سنية ، ولا صوفية، ولا أي اسم بخلاف كلمة الإسلام.

تلك المسميات التي فرقت المسلمين .

والله يقول:

إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ ۚ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ(الأنعام - 159).

لذلك فهؤلاء الملحدون موعدون بجزاء الله لهم على ما كانوا يعملون !

(سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).

 

تعليقات