فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ يَلۡهَثۚ ) الأعراف:176 ا.د / فؤاد محمد موسى
فَمَثَلُهُۥ
كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ يَلۡهَثۚ
) الأعراف:176(
نزلت هذه الكلمات في وصف أحد أحبار اليهود، كمثل للانحراف عن سواء الفطرة، فما أدراك ما خصال اليهود!
والبيان القرآني
المعجز لا يصوغ المثل هذه الصياغة ! إنما يصوره في مشهد حي متحرك ، عنيف الحركة ،
شاخص السمات ، بارز الملامح ، واضح الانفعالات ؛ يحمل كل إيقاعات الحياة الواقعة ،
إلى جانب إيقاعات العبارة الموحية إذ قال الله:
(وَٱتۡلُ
عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ ءَاتَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا
فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ) (175)
قال صاحب
المنار: وهو مثل من آتاه الله آياته فكان عالما بها حافظا لقواعدها وأحكامها قادرا
على بيانها والجدل بها، ولكنه لم يؤت العمل مع العلم، بل كان عمله مخالفا تمام
المخالفة لعلمه فسلب هذه الآيات، لأن العلم الذي لا يعمل به لا يلبث أن يزول فأشبه
الحية التي تنسلخ من جلدها وتخرج منه وتتركه على الأرض، أو كان في التباين بين
علمه وعمله كالمنسلخ من العلم التارك له، كالثوب الخلق يلقيه صاحبه، والثعبان
يتجرد من جلده حتى لا تبقى له به صلة.
وهذا المشهد قد
رآه الكثير هذه الأيام في البعض الذين انخدع بهم العامة من المسلمين للأسف الكبير.
إنه مشهد من
المشاهد العجيبة ، إنسان يؤتيه الله آياته ، ويخلع عليه من فضله ، ويكسوه من علمه
، ويعطيه الفرصة كاملة للهدى والاتصال والارتفاع . . ولكن ها هو ذا ينسلخ من هذا
كله انسلاخاً . ينسلخ كأنما الآيات أديم له متلبس بلحمه ؛ فهو ينسلخ منها بعنف
وجهد ومشقة ، انسلاخ الحي من أديمه اللاصق بكيانه . . أو ليست الكينونة البشرية
متلبسة بالإيمان بالله تلبس الجلد بالكيان ؟ . . ها هو ذا ينسلخ من آيات الله ؛
ويتجرد من الغطاء الواقي ، والدرع الحامي ؛ وينحرف عن الهدي ليتبع الهوى ؛ ويهبط
من الأفق المشرق فيلتصق بالطين المعتم ؛ فيصبح غرضاً للشيطان لا يقيه منه واق ،
ولا يحميه منه حام ؛ فيتبعه ويلزمه ويستحوذ عليه . .
ولم يقتصر الوصف
عند هذا الحد بل تعداه إلى قول الله:
(وَلَوۡ شِئۡنَا
لَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ
هَوَىٰهُۚ)
إذا نحن بهذا
المخلوق ، لاصقا بالأرض ، ملوثا بالطين .
سبحان الخالق
المصور يصور لنا الكلمات بهذا الإعجاز
المبين.
ثم تتوالى
الكلمات المزلزلة للوصف.
(فَمَثَلُهُۥ
كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ يَلۡهَثۚ
ذَّـٰلِكَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا).
ثم إذا هو مسخ في هيئة الكلب ، يلهث إن طورد،
ويلهث إن لم يطارد . . كل هذه المشاهد المتحركة تتتابع وتتوالى ؛ والخيال شاخص
يتبعها في انفعال وانبهار وتأثر.
فإذا انتهى هذا
التصوير .
جاء تعليق الله
على ذلك ،التعليق الموحي ، الموجه لنا كمسلمين.
( ذلك مثل القوم
الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون . ساء مثلاً القوم الذين كذبوا
بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون ) . .
وهل يبلغ قول
قائل من البشر في وصف هذه الحالة وتصويرها على هذا النحو العجيب الفريد ؛ إلا هذا
القرآن العجيب الفريد ! !
وبعد . . فهل هو
نبأ يتلى ؟ أم أنه مثل يضرب في صورة النبأ لأنه يقع كثيراً . فهو من هذا الجانب
خبر يروى ؟
تذكر بعض
الروايات أنه نبأ رجل كان صالحاً في فلسطين - قبل دخول بني إسرائيل - وتروي
بالتفصيل الطويل قصة انحرافه وانهياره ؛
وها نحن الأن
نرى ونشاهد أفعال بني إسرايل في أهل غزة وفلسطين ما لا يتصوره عقل من إبادة وسفك دماء المسلمين أطفلا ونساء وشيوخا .
ينقضون عهودهم
في كل مرة ولا أيمان لهم ولا ذمة . وكلما استولوا على قطعة إرض للمسلمين إعتبروها
أرضهم ، ثم تمددوا إلى غيرها .
يعقدون
الإتفاقيات ثم ينقضونها ، ولا يوفون بالعقود.
فهل لنا كمسلمين
أن نأخذ قول الله لنا عن بني إسرائيل قول الجد ونعمل به في التعامل معهم كما قال
الله.
أنهم كلاب مسعورة
لن يتوقفوا عن سعارهم وهجومهم على المسلمين في كل بقاع الأرض ، ولن يرضيهم من يريدون إرضاءهم من المسلمين، فهذ قول ربنا
لنا:
(فَمَثَلُهُۥ
كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ يَلۡهَثۚ).
فهل نصدق قول
ربنا ؟!!
ونعمل على منهاجة
.
رأينا كل دول
العالم قد طردت اليهود من بلادهم لتجذر
الخيانة والغدر فيهم ، وهذا الواقع في كل دول العالم ، نشاهده في الواقع ، فمثلهم
كما قال الله كلاب مسعورة
لن تتوقف عن
سعارها.
فهل من موقن
بآيات الله ويعمل على نهجها.
تعليقات
إرسال تعليق