﴿ وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت - 33]ففاززهران ممداني عمدة لمدينة نيويورك. اد. فؤاد محمد موسى

﴿ وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت - 33]

ففاز

زهران ممداني عمدة لمدينة نيويورك

قالها هذا الشاب المسلم ( أنا مسلم ) في حملة انتخابات عمدة مدينة نيويورك في معقل أكبر تجمع لليهود أعداء الله، وأكبر تجمع لرأس المال العالمي الذي ينهب مال البشرية ويتحكم فيه بالدولار.

إنه خطاب الفطرة، نعم خطاب الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها ( أنا مسلم)، هذا الخطاب الذي يخشاه الكثير من المسلمين أن يقولوه جهلا وغباء من أجل ارضاء غير المسلمين، من أهل الكفر واليهود والصهيونية العالمية. فهم يبتغون عندهم العزة.

 الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا  ( النساء :139).

نعم إنها الفطرة التي غرسها الله في بني أدم منذ خلقهم. ألم تقرأقول الله تعالى:

وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَآۚ أَن تَقُولُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَٰذَا غَٰفِلِينَ( الأعراف:172).

إنها قضية الفطرة والعقيدة المكنونة في عالم الغيب السحيق ، المستكنة في ظهور بني آدم قبل أن تظهر إلى العالم المشهود، تعترف لربها - سبحانه - بالربوبية ؛ وتقر له - سبحانه - بالعبودية ؛ وتشهد له - سبحانه - بالوحدانية ؛ وهي منثورة كالذر ؛ مجموعة في قبضة الخالق العظيم

وهي تستجيب استجابة العقلاء ، فتعترف وتقر وتشهد ؛ ويؤخذ عليها الميثاق في الأصلاب

عن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء . ثم يقول أبو هريرة واقرؤوا إن شئتم { فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } الآية رواه البخاري ومسلم .

لقد خاطب هذا الشاب الناس في خطابه بخطاب الفطرة وبوجه مبتسم دون تكلف ولا استعلاء ولا تجهم،  ولا تجريح، ولا تكفير ، وبدون البحث عن عيوب الإخرين. فذكرنا هذا بدعوة الإسلام الأولى التي انتشرت في أنحاء العلم بهذه الفطرة والروح السمحة غير المتكلفة. وما احوجنا أن نتذكر ابي بكر في رقته وسماحته وروحه الجياشة في نشر الإسلام في عقر دار الكفار.

وحتى لا أكون مغاليا فيما اكتب أستعير قول أحد الساسيين في منشور على منصة إكس، تويتر سابقًا: "وجاء شاب متواضع من أقصى المدينة، يبلغ من العمر 34 عامًا إلى معقل الرأسمالية، قائلا أنا مسلم ديمقراطي اشتراكي مهاجر وفخور بكل ذلك؛ أقبل الجميع ولا أفرض رأيى أو عقيدتي على الآخر وانما أدعو إلى المساواة والتضامن والكرامة في إطار من الحرية والديموقراطية". 

وتابع قائلا: "تكالبت عليه معظم قوى رأس المال ومراكز القوى الأخرى المستفيدة من استمرار الوضع الراهن، بما فيها رئيس الجمهورية وشنوا ضده حملة شرسة غير مسبوقة شوهوا فيها عقيدته وآرائه وكل شيء يمثله وخوفوا الناس منه". 

وأضاف "ومع ذلك التف حوله الشباب الذين لفظوا الحاضر ورأوا في زهران ممداني المستقبل ونظموا أنفسهم واستطاعوا تحقيق انتصار باهر يرسل رسائل هامة الى داخل الولايات المتحدة وخارجها". 

وختم قائلا إن الرسالة تشير إلى أن "العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية هي المستقبل والشباب الواعي المنظم هو الأمل والديمقراطية مازالت هي الحل".

وهنا أقول إن كل هذا يدل على روح الإسلام ومنهجه في التعامل مع الفطرة البشرية.

وهذا ما قال ممدانى عن إسلامه؟
اعتنق ممدانى إيمانه وسط الخطاب المعادى للمسلمين الذى ميز الأسابيع الأخيرة من حملته، وفقاً لأسوشيتدبرس.
خارج مسجد برونكس فى أواخر أكتوبر، تحدث بعاطفة جياشة عن "الإهانات" التى واجهها مسلمو المدينة لفترة طويلة، وتعهد بمواصلة تقبّل هويته.

قال: "لن أغير من أنا، أو طريقة تناولى للطعام، أو معتقداتى التى أفتخر بانتمائى إليها. لكن هناك شيء واحد سأغيره. لن أبحث عن نفسى بعد الآن فى الظل. سأجد نفسى فى النور".

وخلال حملته الانتخابية، انتقد ممداني الحرب الإسرائيلية على غزة ودعا إلى محاسبة المسؤولين الإسرائيليين، كما شدد على التزامه بمحاربة معاداة السامية وبناء مدينة "تخدم جميع سكان نيويورك من خلال تعزيز التعاون بين مختلف مجتمعاتها".

لم ينافق هذا الشاب من أجل فوزه كما هو الحال الذي نشاهده بكثرة النفاق في الصف المسلم بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الإسلام .

وقد أثار فوز ممداني تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادات بمواقفه السياسية واعتباره رمزا لتحول اجتماعي متصاعد داخل الولايات المتحدة.

واعتبر مغردون أن هذه النتيجة تشكل رسالة سياسية مدوية تعكس تغير المزاج الشعبي الأميركي وارتفاع صوت الجيل الجديد المتأثر بما يجري في العالم، لا سيما الحرب على غزة.

وفي المقابل، أشار آخرون إلى أن فوزه في مدينة تعد أكبر تجمع لليهود بعد فلسطين المحتلة يشكل "زلزالا سياسيا يضرب الولايات المتحدة وإسرائيل"، ووصفوه بأنه هزيمة ساحقة للصهيونية ولترامب، ودليل على تغير جذري في توجهات الرأي العام الغربي تجاه قضايا العدالة والحقوق.

ورأى نشطاء أن النتيجة تمثل بداية العد التنازلي لتراجع هيمنة اللوبي الصهيوني على القرار الأميركي، وأنها خطوة مهمة في طريق التغيير داخل المشهد السياسي، يقودها جيل جديد "أيقظته غزة" وأعاد تعريف موازين القوة في الولايات المتحدة.

لا شك لدينا أن تضحيات أهل غزة لن تذهب سدى، نعم الثمن غالي وضخم، لكن دماؤهم الزكيّة تحرر العالم. وأكد ناشطون أن فوز ممداني يثبت أن الشعوب تتوق إلى من يتحدث بلغتها ويشعر بأوجاعها من دون تصنع أو ترف سياسي، مضيفين أن "التغيير ليس حلما، بل إرادة حين تستيقظ قادرة على كسر هيمنة الأنظمة المخادعة".

وختموا بالقول إن "المسلم القادم من أصول آسيوية والداعم لغزة أصبح اليوم عمدة لأكبر مدينة أميركية تضم أحد أقوى اللوبيات الصهيونية في العالم"، معتبرين أن هذا الفوز يشكل بداية عهد جديد في السياسة الأميركية، ويعيد رسم خريطة النفوذ داخل المدن الكبرى.

إن النهوض بواجب الدعوة إلى الله تعالى، في مواجهة إلتواءات النفس البشرية، وجهلها، واعتزازها بما ألفت، وحرصها على شهواتها وعلى مصالحها، وعلى مركزها الذي قد تهدده الدعوة إلى الله. 

إن النهوض بواجب الدعوة في مواجهة هذه الظروف أمر شاق، لكنه شأن عظيم: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾. 

وهنا لا بد أن ندقق النظر إلى أمر غاية في الأهمية، وهو قول الله: ﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾؛ فإن واقع أكثر الدعاة الآن يناقض هذا الأمر... فبعضهم قرآني، وبعضهم صوفي، وشيعي، وعلوي، وأشعري... أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، وكأنه يتبرأ من الإسلام ويدعو إلى غير دين الله، رغم تأكيد الله على أن ينتسب الداعية المسلم للإسلام وحده، فيقول: إنني من المسلمين..

 فهل يتعلم من فرقوا دينهم وكانوا شيعا. وجروا على المسلمين ما هم فيه من تبعية وذلة وهوان، وفي أيديهم ومعهم كل العزة والرفعة.

 ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾. 

تعليقات